الصعوبات النمائية





هذه الصعوبات تتعلق بالوظائف الدماغية،وبالعمليات العقلية والمعرفية التي يحتاجها الطفل في أداء المهام الأكاديمية،كالانتباه والإدراك الحسي،الذاكرة،اللغة،التفكير ..الخ.فحتى يتعلم الطفل مثلا كتابة اسمه لابد له أن يطور كثيرا من العمليات،أو المهارات الضرورية في الإدراك،والتناسب الحركي،وتناسق حركات العين واليد ،والتتابع،والذاكرة البصرية وغيرها .وحتى يتعلم الطفل أيضا الكتابة،فلابد له أن يطور تمييزا بصريا وسمعيا مناسبا،وذاكرة سمعية وبصرية،ولغة مناسبة وغيرها من العمليات،،ولحسن الحظ فان هذه العمليات أو المهارات تتطور بدرجة كافية لدى معظم الأطفال لتمكنهم من تعلم الموضوعات الأكاديمية،أما حين تضطرب هذه الوظائف بدرجة كبيرة وواضحة ويعجز الطفل عن تعويضها من خلال وظائف أخرى،فحينئذ تكون لديه صعوبة واضحة في تعلم الكتابة أو التهجي أو إجراء العمليات الحسابية،أو العجز في تركيب وجمع الأصوات كان لاستطيع جمع أصوات منفصلة ومجزأ في كلمة واحدة،كان لا يستطيع مثلا جمع(ج،ل،س) ليكون كلمة جلس.
ويرى بعض العلماء أن الصعوبات النمائية ترجع إلى اضطرابات وظيفية تخص الجهاز العصبي المركزي،وان هذه الصعوبات النمائية توجد في ثلاثة مجالات أساسية وهي :
- النمو اللغوي.
- النمو المعرفي.
- نمو المهارات البصرية الحركية .
وقد يظهر الأطفال في سن ما قبل المدرسة ممن لديهم صعوبات تعلم تباينا في النمو بين هذه المجالات الثلاثة،فعلى سبيل المثال قد يتأخر الطفل في النمو اللغوي ولكن أداءه ينمو بشكل عادي في المجالات المعرفية والمهارات البصرية الحركية ،وكذالك قد نجد لدى احد الأطفال تباعدا في احد هذه المجالات الثلاثة.فالطفل الذي يعاني من تأخر في النمو اللغوي على سبيل المثال،قد يفهم كثيرا مما يقال له أو يستمع إليه،ولكن قد تواجهه مشكلة في التعبير عما يريد باستخدام اللغة الشفهية، وفي المجالات المعرفية قد يعاني الطفل مثل من صعوبة في تذكر ما يسمع،ولكنه في نفس الوقت يتمتع بذاكرة بصرية ممتازة لما يشاهده.
وعليه فان احد المؤشرات  الأساسية للتدليل على وجود صعوبات نمائية هو الكشف عن التباين في أداء الطفل ،سواء كان التباين فيما بين المجالات اللغوية والمعرفية،والبصرية الحركية أو داخل كل مجالا على حدة.
ولأهمية النواحي النمائية في فهم صعوبات التعلم،فقد وضعت نظريات عديدة لتفسير وفهم النواحي الإدراكية والحركية لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم، وذلك ضمن نظريات التعلم،فهناك على سبيل المثال نظرية الإدراك البصري،ونظرية التكامل الإدراكي،ونظرية الإدراك الاجتماعي والنظرية الحركية .
وترى نظرية" جتمان" (البصرية- الحركية)أن الطفل يكتسب المهارات الحركية الإدراكية في مراحل متتابعة ومتطورة،وان كل مرحلة تعتمد على المرحلة التي تسبقها وهذه المراحل هي :
- نمو جهاز الاستجابة الأول .
- نمو جهاز الحركة العامة .
- نمو جهاز الحركة الخاصة .
- نمو الجهاز الحركي – البصري .
- نمو الجهاز الحركي – الصوتي .
- الذاكرة السمعية والبصرية والحركية.
- الإبصار والإدراك.
- الإدراك الفردي للمفاهيم المجردة والتمييز والنمو العقلي .
- ومن النظريات التي اهتمت بالإدراك الحركي نجد نظرية – كيفارت – فهو يرى أن الطفل يبدأ بتعلم ما في العالم من حوله من خلال الحركة،أي أن بداية المواجهة بين الطفل وبيئته تكون من خلال بعض الأنشطة الحركية،وهذا السلوك الحركي يعد متطلبا قبليا للتعلم فيما بعد،فالطفل أثناء نموه الطبيعي يكتسب أشكالا متنوعة من الحركة،يمكنه أن يطور من خلالها تعميمات حركية،وبناء على هذه التعميمات الحركية يبني الطفل تركيبا إدراكيا معرفيا .
وقد حدد "كيفارت" أربعة تعميمات حركية يمكن أن تساعد الكفل على النجاح المدرسي هي
- المحافظة على ثبات جسمه واتزانه.
- التعميمات الحركية مثل :القبض على الأجسام وتركها للتعرف على خصائصها،بالإضافة إلى تطوير المهارات الإدراكية .
- الانتقال الحركي : مثل الزحف- المشي – الركض – القفز- قصد استكشاف بيئته ومحيطه،وتمييز العلاقة بين الأشياء في هذا المحيط .
 - القوة الدافعة : وتشتمل على حركات الاستقبال،والدفع للأشياء الموجودة في محيط الطفل،كالإمساك بهذه الأشياء،ودفعها، وسحبها،والرمي والضرب .
ويرى "كيفارت "وهو يعلق على النظرية الإدراكية – الحركية: أن التدرج الهرمي للتعميمات الحركية السابقة يعد بالغ الأهمية، فالأطفال العاديون يستطيعون تنمية عالم من الخبرات الإدراكية – الحركية الثابتة وتطويره في سن السادسة،أما الأطفال الذين يواجهون صعوبات خاصة في التعلم فيكون عالم الخبرات الإدراكية- الحركية عندهم غير ثابت،وبالتالي لا يوجد ساس  ثابت للحقائق المتعلقة بالعالم من حولهم ،وهم بذالك غير منتظمين حركيا آو إدراكيا أو معرفيا،وبما أن الأطفال لا يستطيعون فحص كل ما يحيط بهم واستكشافه عن طريق الحركة فإنهم يتعلمون فحص بعض الأشياء واستكشافها بطريقة إدراكية تكون  أكثر قيمة وذات معنى أفضل وواضح عند ربطها بمعلومات حركية تعلمها الطفل في السابق،وحققت تناسقا فيما بينها ، وهذا ما أطلق عليه "كيفارت"بالتطابق الإدراكي – الحركي -،ولكن الطفل الذي يعاني من صعوبات خاصة في التعلم لا يحقق  التطابق الإدراكي – الحركي بشكل ملائم،وبالتالي فانه يعيش في عالمين منفصلين،عالم الإدراك،وعالم الحركة،فهولا يثق بالمعلومات التي يحصل عليها، ولا تكتسب هذه المعلومات صفة الثبات لديه،فهو يحاول دائما أن يلمس الأشياء للمعرفة والتأكد مما يراه،وهو لا يستطيع تطوير إدراك الشكل والوزن .
ومن الجدير بالملاحظة أن الصعوبة النمائية الرئيسية الواحدة تتضمن العديد من الصعوبات النمائية الفرعية،ولذلك يعد تشخيص وتحليل الصعوبة النمائية من الأمور التي تشكل تعقيدا علميا وجهدا تشخيصيا كبيرا للتوصل إليها والتعرف عليها،أضف إلى ذلك التداخل الحاصل بين الصعوبة النمائية والصعوبة النمائية الأخرى،وكذلك تداخلها مع الصعوبات الأكاديمية .
فحسب النظرية الإدراكية في تفسير الصعوبة وتشخيصها يمكن مثلا تصنيف صعوبات الإدراك إلى تصنيفات رئيسة منها :
أي يحدث تداخل بين المعلومات الواردة عن طريق الحواس المختلفة .
 فبعض الأطفال يدرك بالطريقة الكلية، وبعضهم يدرك بالطريقة الجزئية، مع أن المطلوب هو أن يدرك معتمدا على كليهما.
كأن  توجد لدى الطفل صعوبة في التميز البصري للرسومات،والصور،والفرق بين مثيرين من ناحية الحجم، أو الشكل،أو العمق،أو المسافة .
فالطفل في بعض الأحيان يصعب عليه ترجمة ما يراه، وقد لا يستطيع تقدير المسافة والزمن اللازمين لعبور الشارع بطريقة آمنة ،قبل أن تصدمه السيارة، وقد يرى الأشياء بصورة مزدوجة ومشوشة.
وقد نال مجال الإدراك البصري لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم اهتماما كبيرا، إذ أول دراسة لدى الأطفال غير القادرين على التعلم عامة والأطفال ذوي صعوبات التعلم خاصة هو صعوبة الإدراك البصري.حتى قيل في المراحل المبكرة لدراسة مجال الإدراك،بان الأطفال ذوي صعوبات تعلم هم أطفال ذوو مشكلا ت إدراكية .
 كثير ما يلاحظ معلمو رياض الأطفال، والمدارس الابتدائية وجود العديد من الأطفال داخل الفصل الدراسي، يبدون وكأنهم لا يسمعون جيدا مع أن حاسة السمع لديهم سليمة.
ولقد أبدى العديد من المدرسين والمربين حيرة شديدة مما يرون، وصعوبة بالغة في كيفية التعامل مع هذه الفئة من الأطفال، وهم يقومون بتعليمهم وتربيتهم، هؤلاء هم فئة من الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم.فهم يعانون من مشكلات في فهم ما يسمعونه واستيعابه، وبالتالي استجابتهم قد تتأخر،أو قد تحدث بطريقة لا تتناسب مع موضوع الحديث.
هؤلاء الأطفال قد تجدهم ل يميزون سمعيا بين الأصوات وخاصة المتشابهة منها، مثل:
( ت-ط) ( د-ذ) (س-ص ) ..الخ كما تجدهم يظهرون اضطرابا في التفريق بين الكلمات المتشابهة مثل: (سماء – مساء ) صباح – مصباح ).
ولقد توصلت العديد من الدراسات إلى أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم، يعانون من ضعف في التمييز السمعي للأصوات،وتبلغ نسبة من يعانون من عيوب في هذا الجانب من ( 20- 80. ٪) وغالبا ما يتسمون بضعف الإنصات والإصغاء، فهم مستمعون غير جيدين، كما انك غالبا ما تجدهم يعانون صعوبة في التركيز على ما يقرؤون عندما يتحدث بجوارهم احد الأشخاص .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق